داء الصرع : أعراضه و علاجه
سنلقي الضوء على أحد الاضطرابات العصبية المزمنة التي تصيب الناس في مختلف الأعمار، ألا وهو الصرع: ما هو الصرع: هو من اضطرابات المخ المزمنة، ومن سماته النوبات المتكررة وهو حالة عصبية تُحدث من وقت لآخر اختلالاً وقتياً في النشاط الكهربائي الطبيعي للمخ.. وينشأ النشاط الكهربائي للمخ من ملايين الشحنات الكهربائية البسيطة من بين الخلايا العصبية من المخ، وأثناء انتشارها الى جميع أجزاء الجسم
وهذا الاختلال يحدث بسبب انطلاق شحنات كهربائية شاذة ومتقطعة لها تأثير كهربائي أقوى من تأثير الشحنات العادية، وهذه الشحنات تؤثر على وعي الإنسان وحركة جسمه وأحاسيسه لمدة قصيرة من الزمن وتسمى بالتشنجات الصرعية. ويمكن أن نتحدث عن الصرع عند التعرض لنوبتين أو أكثر، فعندما تستمر وتتكررر نوبات التشنج بدون وجود سبب عضوي ظاهر أو عندما يكون تأثير المرض الذي أدى الى التشنج لا يمكن علاجه.
نادراً ما ينشأ مرض الصرع عن أسباب وراثية، هناك أنماط معينة من حالات الصرع يمكن أن تكون وراثية أو غالباً ما يحدث نتيجة لخلل في الدماغ لأي سبب من الأسباب.
هناك معلومة يجب أن تصل الى الأذهان: وهي أن مرض الصرع لا ينتقل بالعدوى، إذ لا يمكن أن ينتقل اليك من أي مريض مصاب بالمرض.
تصنيف مرض الصرع:
تم تصنيف المرض على حسب التشنجات التي تحدث للمريض الى:
(8) نوبات جزئية- (12) نوبة عامة
كما يقسم كل نوع من هذه الفئات الى فئات فرعية كثيرة، وتختلف هذه النوبات في درجة تكرارها ونوع الإصابات بها اختلافاً واسعاً من شخص لآخر.
يمثل الصرع الجزئي 70%من الحالات، وهنا يكون التزايد في التفريغ الكهربي في المخ محدوداً بمنطقة واحدة، ومن ثم فإن الأعراض تتغير بتغير المنطقة المصابة من المخ، وهناك نوعان منها:
(12) نوبة صرع جزئي بسيطة
(12) نوبة صرع جزئي معقدة
ويمكن أن تتحول الى نوبة الصرع المهمة.
يمثل الصرع المهم 30%من الحالات، وهنا يكون المخ كله متأثراً بالنوبة.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل أي شخص معرض للإصابة بمرض الصرع، وما هي العوامل المؤدية الى الإصابة به؟
ليس هناك سبب معروف للإصابة بمرض الصرع في حوالي 7-10% من الحالات.
ولكن البقية المصابة ترجع إصابتها لأسباب متعلقة بالضرر الذي يحدث للمخ لأسباب معروفة (صرع ثانوي)، مثل نقص الأوكسجين والتعرض لكسر أو رضوض في الجمجمة أو سكتة دماغية أو عدوى في الدماغ مثل التهاب السحايا- التهاب المخ- الوزمة الدماغية والأكياس في الدماغ والأورام الدماغية ومرض الإيدز والسيلان وبعض الأدوية والكحول.
دائماً ينظر للصرع على أنه من أمراض الطفولة، ولكن من الممكن أن يحدث في أي سن من سنين العمر وخاصة الطفولة وسن المراهقة، وهناك سن أيضاً يحدث فيها الصرع وهي سن ما بعد الستين عاماً نتيجة الأمراض الدماغية الوعائية.
هناك خلط شائع بين الناس ألا وهو: التشنج والصرع
وهل يمكن أن تحدث مثل هذه النوبات لشخص لا يعاني من الصرع؟
التشنج هو أحد أعراض مرض الصرع، وحدوث نوبة تشنج واحدة في شخص ما لا تعني بالضرورة أن هذا الشخص يعاني من الصرع، فمثلاً ارتفاع درجة الحرارة أو نقص الأوكسجين وعوامل أخرى يمكن أن تؤدي الى حدوث نوبة تشنج واحدة.
أما الصرع فهو مرض دائم وتحدث به نوبات متكررة من التشنج، وهو حالة مزمنة لنوبات متكررة غير مستثارة، أما النوبات المستثارة مثل المخدرات والكحول ليست صرعية، ولكن الأحداث المتعلقة بها أحداث نوبات حقيقية.
والفرق بين النوبات الصرعية وغير الصرعية من حيث عدم توفر الدليل على وجود نشاط كهربائي غير طبيعي في المخ بعد النوبة، وكذلك من حيث عدم حدوثها بشكل متكرر، ومن أمثلة النوبات غير الصرعية:
انخفاض نسبة السكر في الدم- نزيف أو جلطة المخ...
ما هي أعراض مرض الصرع؟
أعراض النوبات الجزئية البسيطة:
يحافظ المصاب على اتصاله بالواقع
قد يعاني من مشاكل في الحواس- إحساس بالخوف.
قد يعاني من صعوبة في الكلام بطريقة سليمة- ارتعاشات في الأعضاء.
أعراض النوبات الجزئية المعقدة:
فقدان مؤقت للاتصال بالواقع- بحركات-
القيام من غير هدف ويتمتم ويظهر حركات المضغ.
لا يتذكر المصاب النوبة والأحداث المتصلة بها.
أعراض النوبات العامة:
فقدان الوعي والسقوط- تصلب عضلي عام- تشنج إيقاعي- كثرة الإفرازات اللعابية- غيبوبة واسترخاء عضلي وقد يحدث معه تبول أو خروج براز-ارتباك عند اليقظة- لا يحتفظ المصاب بأي ذكرى من النوبة.
ما هي العوامل التي تحفز حدوث النوبات الصرعية لمريض الصرع؟
العوامل كثيرة، منها اضطرابات النوم- الخوف والحزن الشديد- التعب الشديد- الحمى والالتهابات- بعض الأدوية والكحول- التعرض المتواصل للأجهزة المرئية مثل الكمبيوتر والتلفزيون...الخ يجب على مريض الصرع أن يتجنبها.
كيف يشخص المصاب على أنه مصاب بالصرع؟
أخذ التاريخ المرضي الدقيق للمريض، وفي هذه الحالة الأسرة لها دورها في الملاحظات والوصف الدقيق للنوبة بتفاصيلها كاملة (يا حبذا لو تم تصوير المريض أثناء النوبة).
عمل رسم المخ الكهربائي (EEG) وهو جهاز يسجل بدقة النشاط الكهربائي للمخ.
ومن الأفضل أن تسجل الموجات الكهربائية خلال نوبات الصرع أو ما بين النوبات.
الأشعة المقطعية CT والرنين المغناطيسي MRI لها أيضاً دور في التشخيص، حيث تظهر بها الأسباب والإصابات بالمخ التي أدت الى حدوث نوبات الصرع.
الفحوصات الخاصة بالأمراض المؤثرة على المخ وتؤدي الى الصرع، بالإضافة لصور الأشعة للرأس.
العلاج:
قبل أن نتحدث عن العلاج يجب أن نعرف أن النوبات في معظمها قصيرة المدة وتتطلب إسعافاً أولياً، فهي تتراوح بين بضع ثوانٍ الى عدة دقائق، وفي حالات نادرة ربما تستمر لعدة ساعات، وهذه تشكل حالة طبية خطيرة.
الإسعافات الأولية:
ماذا يجب عليك فعله أثناء رؤيتك لشخص مصاب بالصرع وهو في حالة النوبة الصرعية؟
لا تحاول أن تثبته كما يفعل البعض، فقط راقب حركاته ومن الأفضل تصويره بكاميرا أو موبايل أثناء حدوث النوبة.
أمنعه من إيذاء نفسه، وذلك بإبعاده عن الخطر مثل النار والآلات الصناعية اذا كان عاملاً فيها، والآلات الحادة.
بعد توقف أو نقص التشنجات ضع المريض على جانبه واجعل الرأس مائلاً قليلاً الى الخلف حتى يخرج اللعاب، وتأكد من عدم وجود أي إعاقة للتنفس.
اذا استمرت النوبات لأكثر من 5 دقائق أطلب الإسعاف الطبي فوراً.
لا تحاول إعطاءه أي دواء أثناء النوبة أو إيقاظه منها.
بعد وقف النوبة حاول أن تهديء المريض وتقلل من خوفه وإرهاقه.
كما ذكرنا سابقاً أن الملاحظة أثناء النوبة وتسجيلها تساعد الطبيب مساعدة كبيرة في العلاج.
يتم علاج الصرع بعدة طرق أهمها العقاقير المضادة للتشنج:
والعلاج بالعقاقير وهو الخيارالأول والأمثل وتختلف على حسب نوع الصرع، وفي بعض الأحيان قد يحتاجون لاستخدام أكثر من عقار واحد للتحكم في المريض.
الحرص على تناول الدواء بانتظام والالتزام بتعليمات الطبيب يجعل التحكم في المرض سهلاً، لأن معظم العقاقير المضادة للصرع يجب أن تصل الجرعة الى حد معين في الدم حتى تعطي الأثر الفعال وتجنب الآثار الجانبية.
نادراً ما نلجأ للجراحة لعلاج النوبات الصرعية المتكررة.
هناك سؤال يراود العديد من الناس، وهو هل يشفى مرض الصرع تماماً أم يستمر مدى الحياة؟
في كثير من الأحيان يتغلب الأطفال على مرضهم، وفي العديد من الحالات يتغلبون على هذا المرض في سن البلوغ، ولكن في بعض الحالات يستمر الصرع مدى الحياة ولا توجد أي وسيلة للتنبؤ بما يحدث في كل حالة فردية، ولكن في كل الأحوال التحكم في المرض ممكن باستعمال العقاقير المضادة للصرع بانتظام وبمعاودة الطبيب دورياً.
النوبات الصرعية المستمرة:
هذه تعتبر حالة طبية خطيرة وتهدد حياة مصاب الصرع اذا استمرت أكثر من 15 -30 دقيقة، وتكون فيها التشنجات متكررة من غير توقف، ويكون المصاب غائباً عن الوعي، في هذه الحالة يجب إسعاف المريض سريعاً الى المستشفى.
معلومة أخيرة:
الصرع المجهول السبب من الأمراض التي لا يمكن الوقاية منها، ولكن هناك احتياطات يمكن أن تقلل مثل تجنب إصابات الرأس وتوفير خدمات جيدة أثناء الولادة لتجنب الإصابات أثناء الولادة...الخ
الأهم من هذا كله أن الصرع والحمد لله لا ينقص من العمر ولا ينقص من الذكاء ولا يخرب الدماغ عكس ما قد يتبادر لأذهان الكثيرين أثناء مشاهدتنا لنوبة الصرع أثناء حدوثها من سقوط على الأرض واهتزاز للرأس والجسم.
على مريض الصرع تجنب بعض المهام مثل امتهان مهنة قيادة السيارات العامة والشاحنات والعمل في مكان مرتفع من سطح الأرض مثل البناء، والعمل على الآلات الخطيرة، ويجب مراجعة الطبيب في حالة البحث عن عمل حتى يبين الوظائف التي يمكن أن يمتهنها مصاب الصرع.
الصرع لا يعوق التطور الطبيعي للشخصية.
0 commentaires: