جدلٌ بين شيوخ السعوديَّة حول جواز الأكل من "البوفيه المفتوح"
ما إنْ يخفتُ الجدلُ في السعوديَّة حولَ فتوًى شاذَّة حتى يتقدَ حول أخرى، وإنْ كانَ مألوفًا خروج الشيوخ بفتاوًى يحومُ أغلبها في فلكِ المرأة، فإنَّ الجدل المحتدم في مملكة "آل سعود" هذه الأيام، انصرفَ إلى الطعام، والإفتاء جواز "البوفيه المفتوح" من عدمه، فِي الإسلام.
البوفيه المفتوح، الذِي تحولَ إلى إشكالٍ يؤرقُ عددًا من شيوخ السعوديَّة، بدأ الخوضُ فيه مع تحريم، الشيخ صالح الفوزان، الذِي يشغلُ عضويَّة ما يسمَّى "هيئة كبار العلماء"، واللجنة الدائمة للإفتاء، الأكل في المطاعم التِي تقدمُ "بوفيهًا" محدودًا على اعتبار أنَّ الثمن فيها معلومٌ وقدر الطعام الذي سيأكله الزبونُ مجهولٌ، وهُوَ ما جعلَ إمام وخطيب الحرم المكِي، سعود الشريم ينبرِي إلى الرد عليه.
الفوزان كانَ قدْ ردَّ على سؤال لأحد المستمعين في إذاعة القرآن الكريم، عن البوفيه المفتوح بعدم جواز دخول البوفيه المفتوح والأكل فيه مقابل سعر محدد، لأن البيع والشراء مشترط فيه أن يكون المباع أو المشترى والسعر معلومَين".
الشيخ استرسل في القول إنَّ "من يحضر إلى بوفيه ويُقال له كُلْ ما تشاء بعشرة ريالات أو خمسين ريالاً دون تحديد للطعام، فهذا مجهول؛ ولا يجوز"، مذكيًا ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، التِي انقسمَ روادها بين مؤيد، ومنتقدٍ لتهافتها.
الشيخ سعود الشريم، رأى في فتوى نشرها على حسابه الرسمي بموقع "تويتر" أن "القول بجواز "البوفيه" أقرب؛ ﻷن اﻷصل في المعاملات اﻹباحة؛ ولا يحرم شيء إلا بدليل يجب الرجوع إليه، لقول الله "وأحل الله البيع وحرم الربا".
المتحدث ذاته أوضحَ أنَّ " مدار الخلاف في قول من أجاز البوفيه المفتوح وقول من حرمه هو هل الجهالة متحققة في هذا البيع أم لا؟؛ ﻷن النبي محمد "ص" "نهى عن بيع الغرر" في الحديث الذي رواه مسلم".
الشيخ الشريم أردفَ "وتنبني على هذه المسألة مسائل كثيرة مشابهة لها، مثل دخول صالة ألعاب بثمن معين، واللعب دون مدة أو عدد معين، وكذلك بيع كل شيء بريال أو نحو ذلك".
وقال "من تأمل المسألة وجد أن الثمن معلوم والطعام أمامه معلوم، وفي الغالب أنه يعلم مقدار أكله، ولا تضره جهالة يسيرة يصعب التخلص منها غالب اﻷحيان".
ولأنَّ فتوى الفوزان أثارتْ موجةً من التهكم والسخريَّة من صاحبها، قال الشريم إن الأمة مدعوة إلى مراعاة حق الشيوخ في التوقير والإنزال منزلة المعرفة والثقة، موضحًا أنهُ "ليس عيبا أن يأتي سؤالٌ عن حكم البوفيه المفتوح، كما ليس عيبا أنْ يفتي الشيخ فيه، ما دام لكل سؤال جواب، ولا يمكن حصر الإفتاء في المسائل الكبرى".
وعلى إثر ما أذكته فتواه من جدل، أصدر الفوزان توضيحا على موقعه الرسمي، يقولُ فيه إنَّ ما نسب إليه عن تحريم البوفيه كذب ظاهر دافعه الهوى والتجني، قائلًا إنه سئل عن ظاهرة في بعض المطاعم وهي أن أصحابها يقولون للزبائن : كل ما تشاء من هذه المأكولات المعروضة وأدفع مبلغاً مقطوعاً محدداً. فقلت : هذا مجهول والمجهول لا يجوز بيعه حتى يحدد ويعرف. فأرجو التثبت فيما يقال وينشر".
0 commentaires: