ماليزيا تخفض مُعدّلات "الطلّاق" وسط ساكنتها بـ"رُخصَة الزّواج"
في وقت تتزايد فيه معدلات الطلاق داخل المجتمعات، وتتراكم معه ملفات
الصراعات الأسرية داخل المحاكم الخاصة بقضاء الأسرة، أوجدت ماليزيا حلّاً
عمليّا لـ"الطلاق" استطاعت من خلاله أن تخفض نِسَبه من 32% إلى أقل من 8%
خلال السنوات العشر الأخيرة، بفضل مشروع فاعل وطموح تبنّته الدولة، هو
"رخصة الزواج"، الذي يحصل بموجبه الشاب والشابة من المقبلين على الارتباط
على شهادة "لازمة" لعقد قِرَانهما.
ثورة ضد الطلاق
تبنت الحكومة الماليزية، إبان فترة رئيس الوزراء مهاتير محمد، سياسة
حازمة للحيلولة دون تفاقم مشكل الطلاق في صفوف الماليزيّين، إذ مرّ المجتمع
الماليزي، الذي لا يزيد تعداد ساكنته عن 28 مليون نسمة، من معاناة التفكك
الأسري، حيث بلغت نسبة الطلاق ذروتها في تسعينيات القرن الماضي ووصلت إلى
حدّ 32%، أي أن ضمن 100 زيجة هناك 32 تفشل، ما حدا بالحكومة إلى إحداث
"رخصة الزواج"، التي بموجبها يلتزم كل طرف يرغب في الزواج من الجنسين بأن
يخضعوا إلى دورات تدريبية متخصصة، داخل معاهد خاصة، يحصلون بعدها على رخصة
تسمح لهم بعقد القران.
بعد عقد من إحداث معاهد الزواج، وإلزامية الحصول على الرخصة، أصبحت
ماليزيا من أقل دول العالم في نسب الطلاق، بمعدل أقل من 8%، فيما صارت
ملفات عقد القران لا تخلو من وثيقة "رخصة الزواج" إضافة إلى الفحوص الطبية
وإلى جانب باقي الوثائق التعريفية المتعارف عليها.
اليوم، لا يسمح للشباب في ماليزيا بالزواج دون اللجوء إلى دورات
التدريبية التي تمنح رخصاً خاصة، وهي الدّورات التي تدرس فيها مواد شرعية
حول الحياة الاجتماعية قبل وبعد الزواج، وأيضا دروسا حول الحياة الصحية
والنفسية والروحية للمتزوجين، فيما تتيح تلك المعاهد فترات يلتقي فيها
الطرفان المخطوبان منأجل تعارف أكثر..
جهود لتشجيع الزواج.
.
وحالها حال دول جنوب شرق آسيا، تبقى ماليزيا من الدول التي تعرف نسباً
مرتفعة من الأمراض المتنقلة جنسيا عبر العلاقات خارج إطار الزواج، ما حدا
بالحكومة الحالية إلى تنظيم حملة موسعة لتشجيع المراهقين على الزواج، عبر
تقديم حوافز مالية وتسهيل تملك المنازل زيادة على مساعدات شهرية للمتزوجين.
فبالإضافة إلى المعاهد التي تمنح رخص الزواج، أسّست ماليزيا مدراس أخرى
تأوي المراهقات الحوامل خارج إطار الزواج، حيث يتم احتضانها ورعايتها في
أفق زواجها من الشاب الذي ارتبطت به سابقا خارج إطار الزواج.
وتنطلق الخطة الحكومية الماليزية لتشجيع الزواج، من أجل محاصرة العلاقات
غير الشرعية، التي تنتج، وفق دراسات أجريت على المجتمع الماليزي، مواليد
متخلى عنهم من قبل الأمهات العازبات، وكذا حالات من الإجهاض، الذي يجرمه
القانون والشرع في ماليزيا.
كما ترمي الخطة الحكومية المذكورة إلى تدريس الثقافة الجنسية في الإسلام
في المناهج الدراسية للتلاميذ في المدراس، إضافة إلى التوجه صوب الإعلام
المفتوح، ببث برامج تساير عادات وتقاليد ماليزيا، خاصة من الجانب الديني
والاجتماعي.
"اتجوز صح" في مصر..
على الطريقة الماليزية، لكن هذه المرة بدعم خاص، اقتحم أحد الشباب
المصري مجال الحد من ارتفاع نسب الطلاق، وذلك عبر إنشاء مدرسة خاصة تسمى
"اتجوز صح"، لغرض توفير علاقات ناجحة للمقبلين على الارتباط بشكل شرعي وأخذ
رؤية عامة على فصول الزواج والحياة الأسرية.
الإعلام المصري تحدث عن كون أحمد وجيه، صاحب الفكرة، لجأ في البداية إلى
استطلاع رأي زملائه على صفحته الشخصية في فيسبوك، حول تأسيس مدرسة خاصة
لتعليم فنون الزواج الناجح.. أجوبة الاستطلاعات كانت كثيرة وإيجابية، وكانت
المحفز الأول لتنفيذ الفكرة على أرض الواقع.
ويعالج أحمد في مدرسته الأفكار السائدة والمغلوطة عن الزواج، حيث أدرج
خلال دروات تدريبية يقدمها بالمجان، موادا تركز على موضوعات تنظيم النسل
وأحكام وآداب ليلة الزفاف وخصائص "سنة أولى زواج"، حيث لاقت التجربة نجاحا
كبيرا، خاصة من لدن الفتيات اللاتي أقبلن بشدة على الفكرة.
0 commentaires: