لا حول ولا قوة للعلمانية أمام الشرائع اليهودية، المسيحية والإسلامية
قد يقهقه المسلمون، تفويجا على أنفسهم، عند سماع الخبر الأخير الذي
وصلنا من إسرائيل : حلفاء الوزير الأول السياسيون يتهمونه بعدم احترام
الملة اليهودية إذ تجرأ على مباركة علاقة حب بين ابنه وطالبة نرويجية لم
تعتنق اليهودية (بعد؟). لكنه من شأن هاته القهقهة أن تتحول إلى إبتسامة
صفراء إذ لا يسع أي مسلم غير منافق إلا الإعتراف بأن الشريعة الإسلامية
ورثت عن آل إبراهيم وموسى نفس التمييز ونفس التفرقة “العنصرية” على أساس
الملة أو الدين.
وقد يعتقد قليلو التمحيص أن المسيحية علمانية منذ نشأتها وأنها تجاوزت
ذلك الميراث التوحيدي اليهودي بمجرد رفعها للشعار المشهور : “لتردن لقيصر
ما لقيصر ولله ما لله”. الحقيقة التاريخية تخبرنا أن مطاردة المسيحيين من
طرف أباطرة الروم دامت ما يزيد على ثلاثة قرون لأنهم لم يعترفوا بأي ولاء
لقيصر ولأنهم اعتقدوا، كأمم وكفرق أخرى، أن الملك كله لله، لا شريك له.
إضافة إلى ذلك كان المسيحيون يتناكحون فيما بينهم ليتكاثرعدد طائفتهم.
وقريبا منا نعلم أن الدولة الفرنسية الحديثة لم تتمكن من إرساء وفرض
القواعد المشرعة للمواطنة، مكان الأنتماء إلى الطائفية ذات التمييز العنصري
بين بني البشر، إلا بعدما أجبر نابوليون اليهود على إلغاء قوانين شريعتهم
الخاصة بهم والتي كانت تضمن لهم التناكح والتناسل فيما بينهم، كما هو عليه
الحال، لحد الآن، بالنسبة للمتشبثين بشريعة الإسلام رغم تواجدهم وعيشهم في
كنف الفرنسيين منذ عدة أجيال. لم يقدم أي ممثل للمسلمين بفرنسا أو بأوروبا
ولا أي مفت من أصحاب الفتوى بالعالم أسره أن يتبرأ من التمييز العنصري الذي
يحرم المسملة من الزواج بغير المسلم.
كلنا نعلم إذن أن ديانات التوحيد لا تعترف بالمساوات بين بني البشر ولا
تعتبر غير المومنين بها كمواطنين مساوين لأهلها وهي بالتالي لا تسمح
بالتزاوج معهم. لكننا نعلم أن التاريخ لا يرحم : لقد تولى شعب الله المختار
وحلت مكانه إمبراطورية متعددة الديانات قبل أن تحل محلها إمبراطورية
بيزنطية مؤيدة بالمقاتلين المسيحيين وبـ”روحهم القدس”، قبل أن تجبرهم على
الجلاء، ولو بشكل مؤقت، أمة ما زالت تعتقد أنها خير ما أخرج للناس. ولربما،
لربما، يومن كثير من القراء أن اليهود قد غلبوا ولكنهم بعد غلبهم سيغلبون.
(كل القراءات مسموح بها تاريخيا).
ولنترك الإسرائليين لعنصريتهم ولنرجع إلى أفضل ما أنتجته قريحة المسلمين
والعرب في الأيام الأخيرة. فما الذي اتفقت عليه نخبة المنتخبين من نواب
الشعب التونسي يا ترى ؟
1 - الدولة دينها الإسلام. وكأنما يمكن لهاته
الشابة فتية يمكنها أن تتحجب قبل دخولها المسجد لتصلي من وراء حجاب (ستار
ثاني)، بعيدا عن الرجال. وكأنما رجال المسلمين أعداء لها ووحوش ضارية لا
يسعهم سوى الإنقضاض على كل امرأة صلت بنفس المسجد دون عزلها بستار.
2
– الدولة راعية للدين. وكأنما السماوات ودياناتها على وشك الإنهيار وأنها
لم تؤكد لنا أنها هي الراعية والحامية والواقية لبني البشر من غضبها، من
شحها وقحطها، من زبانيتها ومن الناطقين والقتالين باسمها !
3 – لا يمكن لأي تونسي لا يومن ولا لأي تونسية لا تومن بالإسلام أن يترشح أو تترشح للإنتخابات الرئاسية. وبما أن حرية الإعتقاد مضمونة من طرف الدستور التونسي الجديد فإنه لا يسعنا إلا أن نذكر التونسيين الذين لا يفهمون معنى حرية الإعتقاد هاته بقولة فورد المشهورة في العشرينات من القرن الماضي : يمكنكم أن تقتنوا سيارة فورد من أي لون شئتم إن كان اختياركم هو اللون الأسود. فاختاروا أيها المسلمون التونسيون أي عقيدة تفضلون دون قهقهة ولا ضحكة صفراء !
3 – لا يمكن لأي تونسي لا يومن ولا لأي تونسية لا تومن بالإسلام أن يترشح أو تترشح للإنتخابات الرئاسية. وبما أن حرية الإعتقاد مضمونة من طرف الدستور التونسي الجديد فإنه لا يسعنا إلا أن نذكر التونسيين الذين لا يفهمون معنى حرية الإعتقاد هاته بقولة فورد المشهورة في العشرينات من القرن الماضي : يمكنكم أن تقتنوا سيارة فورد من أي لون شئتم إن كان اختياركم هو اللون الأسود. فاختاروا أيها المسلمون التونسيون أي عقيدة تفضلون دون قهقهة ولا ضحكة صفراء !
فالمسلمون كبني عمهم اليهود ما زالوا يتخبطون في
تناقضات شريعة ورثوها عنهم وما زالوا لم يقرروا بعد تغيير ما بأنفسهم
ليستجيب القدر لتطلعاتهم للمساوات، خارج الطائفية الدينية المميزة بين بني
البشر منذ حقبة التأسيس من طرف إبراهيم وموسى ومن ورثهما.
0 commentaires: